تاريخ إعداد أول دستور للأردن
تبدأ قصة الدستور الأردني مع تولي الأمير عبدالله الأول الحكم، حين طالب قادة حزب الاستقلال العربي بضرورة إنشاء حكومة نيابية دستورية. استجاب الأمير لتلك المطالب ووافق على تشكيل لجنة منتخبة تضم ممثلي الشعب. في عام 1923، عقد اجتماع برئاسة ناظر العدلية لوضع مسودة قانون انتخاب مجلس نيابي، مما أدى إلى تشكيل لجنة تضم خبراء في القانون لوضع إطار أساسي (الدستور).
عقدت عدة اجتماعات في عام 1923 برئاسة السيد رضا توفيق، مدير الآثار آنذاك، ضمن جهود صياغة هذا القانون الأساسي. ومع ذلك، عرقلت السلطات البريطانية تنفيذ هذه المساعي تخوفًا على نفوذها.
في عام 1926، تحت ضغط متواصل، تمت الموافقة على تشكيل الحكومة، وتم اعتماد القانون المقدم في عام 1923 مع إجراء تعديلات طفيفة. إلا أن السلطات البريطانية لم تكن راضية عن هذا التعديل، فقامت بإعداد مشروع المعاهدة الأردنية – البريطانية، والتي أُبرمت عام 1928.
علاقة المعاهدة (الأردنية – البريطانية) بالدستور
نصت المادة الثانية من المعاهدة الأردنية – البريطانية على إعداد قانون أساسي للإمارة ينظم مؤسسات الحكم وصلاحياتها، شريطة موافقة حكومة الانتداب البريطاني على أي تعديلات مستقبلية على القانون. وكانت هذه المادة بمثابة الأساس للقانون الأساسي (الدستور).
في 16 نيسان 1928، قدمت الحكومة البريطانية مسودة القانون الجديد إلى الحكومة الأردنية، والذي تماثل مع القوانين المعمول بها في العراق، متضمنًا الأسس الأولى لمؤسسات الحكم آنذاك.
المكونات الأساسية للقانون الأساسي الأردني (الدستور) عام 1928
جاء الدستور عام 1928 مع مجموعة من النصوص الهامة، أبرزها:
- تخصيص السلطات التشريعية والإدارية للأمير عبدالله الأول وورثته، بما في ذلك حق إبرام المعاهدات وإجراء انتخابات للمجلس التشريعي، وتعيين وإقالة رئيس الوزراء والوزراء والموظفين.
- السماح للأمير بالتصرف بالأراضي العامة الأردنية ومنحه الحق في تعديل أي من مواد القانون الأساسي خلال سنتين من تاريخ التطبيق.
- إقرار قانون الموازنة العامة تحت المادة 66، وتشكيل مجلس لمساعدة الأمير في ممارسة صلاحياته، الذي يتكون من خمسة أعضاء يتضمنون عضوًا من الأسرة الحاكمة ورئيس الوزراء.
المجالس تحت مظلة القانون الأساسي (الدستور)
تم تشكيل المجلس التنفيذي لتقديم المشورة للأمير عبدالله وإدارة شؤون البلاد، والذي يتألف من خمسة أعضاء يعينهم الأمير وفقًا لما نصت عليه المادة 21 من القانون الأساسي.
نص المادة 25 على تشكيل المجلس التشريعي من ممثلين منتخبين وفقًا لقوانين الانتخابات المعمول بها، شاملةً شروطًا محددة مثل الحصول على الجنسية الأردنية وبلوغ سن الثلاثين.
المؤسسات القضائية في الدستور
اعتمد القانون الأساسي وجود ثلاثة أنواع من المحاكم في شرقي الأردن، وهي:
- المحاكم المدنية التي تعالج القضايا المدنية والجزائية.
- المحاكم الدينية، والتي تُقسم إلى المحاكم الشرعية الإسلامية والمحاكم الخاصة.
- محاكم مجالس الطوائف التي تتناول مسائل الزواج والطلاق وغيرها.
حقوق الشعب في القانون الأساسي
نص القانون الأساسي على المساواة بين المواطنين الأردنيين في حقوقهم بغض النظر عن العرق أو الدين أو اللغة، مؤكدًا على صون حرياتهم وحماية ممتلكاتهم، مع تحديد اللغة العربية كأحد اللغات الرسمية والإسلام كالدين الرسمي.
التعديلات على الدستور بين عامي 1928 و1946
شهد القانون الأساسي (الدستور) تغييرات بين عام 1928 وعام 1946، ومن أبرز التعديلات:
- التعديل الذي صدر عام 1929، استجابة لرغبة الأمير لحماية أعضاء المجلس التشريعي من الاعتقال خلال جلسات المجلس.
- التعديل الذي حصل عام 1938 والذي تناول حقوق الملكية وصلاحيات المحاكم الشرعية والطائفية.
- التعديل في عام 1939 الذي ألغى بعض المواد من القانون الأساسي.
في 6 أغسطس 1939، أُجري تعديل آخر تضمن:
- اعتبار الأمير القائد الأعلى للقوات المسلحة بموجب التعديل.
- تشكيل مجلس الوزراء وتحديد صلاحياته وواجباته.
يجدر بالذكر أن الدستور الأردني الحالي يحتوي على 131 مادة موزعة على تسعة فصول.